الهوية البصرية هي الجزء المرئي من الهوية التجارية، وهي تعبِّر عن شخصية وقيَم ورسالة العلامة التجارية لدى الجمهور المستهدف. تصميم الهوية البصرية هو عملية إبداعية وفنية تتطلب دراسة وتحليل وتخطيط وتنفيذ لكل عنصر من عناصرها، مثل الشعار، والألوان، والخطوط، والرموز، والتصاميم المختلفة.
وأكثر ما تحتاج إليه مهارة تصميم الهوية البصرية إلى الحذر والدقة، فأي خطأ قد يؤدي إلى إضعاف أو إفساد صورة العلامة التجارية، أو إلى إرباك أو رفض الجمهور المستهدف. في هذا المقال، سنستعرض بعض الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها خلال تصميم الهوية البصرية، وسنقدم بعض النصائح والأفكار لإنشاء هوية بصرية ناجحة ومؤثرة.
1. تصميم شعار لا معنى له
تصميم شعار جيد يحتاج إلى أن يكون بسيطاً وواضحاً وفريداً وملفتاً ومناسباً للجمهور المستهدف. أحد الأخطاء التي يجب تجنبها هي تصميم شعار لا معنى له، أي شعار لا يحمل أي رسالة أو قصة أو فكرة تربط بين العلامة التجارية والجمهور المستهدف.
تصميم شعار لا معنى له يجعل العلامة التجارية تبدو عشوائية وغير محترفة وغير مؤثرة. كما أنه يضيع فرصة التواصل والتفاعل مع الجمهور المستهدف، ويقلل من قدرة الشعار على التميز والانتشار. بعض الأمثلة على الشعارات التي تفتقر إلى المعنى هي الشعارات التي تستخدم رسومات عشوائية أو غير متناسقة، أو الشعارات التي تستخدم كلمات غير مفهومة أو غير مرتبطة بالعلامة التجارية، أو الشعارات التي تستخدم عناصر زائدة أو غير ضرورية.
ولتجنب هذا الخطأ، يجب على المصممين أن يقوموا بالبحث والتحليل عن العلامة التجارية والجمهور المستهدف، وأن يحددوا الرسالة والقصة والفكرة التي يريدون إيصالها من خلال الشعار. كما يجب على المصممين أن يختاروا الرسومات والكلمات والألوان والخطوط التي تناسب شخصية وقيم وأهداف العلامة التجارية، وأن يحافظوا على بساطة ووضوح التصاميم.
2. تصاميم معقدة
أحياناً، قد يفترض المصممون أن التصاميم المعقدة والمزخرفة هي التصاميم الجميلة والجذابة، ولكن في الحقيقة، هذه التصامين قد تكون مربكة ومزعجة وغير مفهومة للجمهور المستهدف. التصامين المعقدة للغاية تحتوي على عناصر زائدة أو غير ضرورية، مثل الأشكال والخطوط والألوان والنصوص والصور، التي تشتت انتباه الجمهور عن الرسالة الأساسية للعلامة التجارية. كما أنّها تُصعِّب على الجمهور تذكر وتمييز العلامة التجارية، وتقلل من قابلية التكيف والاستخدام للتصاميم على مختلف المنصات والوسائط.
ولتجنب هذا الخطأ، يجب على المصممين أن يتبعوا مبدأ البساطة هي منتهى التأنق. وهو مبدأ يؤكد على أهمية البساطة والوضوح في التصاميم. يجب على المصممين أن يحذفوا كل ما هو زائد أو غير ضروري من التصاميم، وأن يركزوا على العناصر الأساسية والمهمة فقط. كما يجب عليهم أن يستخدموا التباين والتناسق والتوازن بين العناصر، لإبراز الرسالة والفكرة التي يريدون إيصالها. ولعلّ كبرى الشركات التقنية تستخدم هذا المبدأ في شعاراتهم مثل Apple أو Nike أو FedEx وغيرهم، جميع تلك الشركات تستخدم رسومات وألوان وخطوط بسيطة، ولكنها تحمل معانٍ وقصصًا قوية.
3. استخدام الكثير من الخطوط
الخطوط عناصر مهمة في التصاميم، فهي تحمل المعلومات والنصوص التي تريد العلامة التجارية إيصالها للجمهور المستهدف. وتؤثر الخطوط على المظهر والقراءة والمعنى والانطباع الذي تتركه التصاميم.
أحد الأخطاء التي يجب تجنبها هي استخدام العديد من الخطوط، أي استخدام أكثر من ثلاثة خطوط مختلفة في نفس التصميم. هذا الأمر يجعل التصاميم تبدو فوضوية وغير متناسقة وغير احترافية. كما أنه يصعب على الجمهور قراءة وفهم وتذكر المعلومات والنصوص الموجودة فيها.
ولتجنب هذا الخطأ، يجب على المصممين أن يقتصروا على استخدام خطين أو ثلاثة خطوط في تصاميمهم كحد أقصى، وأن يختاروا الخطوط التي تتناسب مع شخصية وقيم وأهداف العلامة التجارية، وأن يستخدموا التباين والتناسق بين الخطوط، لإبراز العناوين والفقرات والكلمات المهمة. بعض الأمثلة على الهويات التي تستخدم خطوط بشكل جيد هي شعارات مكتبة جرير وبنك الإنماء وأسواق التميمي من السوق المحلي السعودي، التي تستخدم خط واحد أو اثنين بشكل بسيط وجذاب.
4. تفضيل التصاميم الرخيصة
قد يعتقد بعض أصحاب العلامات التجارية أن تصميم الهوية البصرية هو أمر ثانويّ أو غير مهم، وأنه يمكن الاستغناء عنه أو التقليل منه، وأنه يمكن الحصول على تصاميم رخيصة أو مجانية من مواقع أو برامج مختلفة أو عبر الذكاء الاصطناعي، دون الاستعانة بمصممين محترفين أو مؤسسات متخصصة. هذا الأمر يعتبر خطأ كبيراً، فتصميم الهوية البصرية هو استثمار طويل الأجل، يحدد صورة وسمعة وقيمة العلامة التجارية في عقول الجمهور المستهدف. تفضيل التصاميم الرخيصة يؤدي إلى تقديم تصاميمٍ ضعيفة وغير جذابة وغير مبتكرة وغير متناسقة، والتي قد تكون مشابهة أو مسروقة لتصاميم علامات تجارية أخرى.
ولتجنب هذا الخطأ، يجب على أصحاب العلامات التجارية أن يدركوا أهمية تصميم الهوية البصرية، وأن يخصصوا ميزانية وزمن كافيين لها، وأن يستعينوا بمصممين محترفين أو مؤسسات متخصصة، لإنشاء تصاميم فريدة وجذابة ومؤثرة. كما يجب على أصحاب العلامات التجارية أن يشاركوا في عملية التصميم، وأن يعبروا عن رؤيتهم وأهدافهم وتوقعاتهم، وأن يقدموا ردود فعل وتعديلات على التصاميم.
5. عدم اتِّساق التصاميم
الهوية البصرية للعلامة التجارية تتكون من مجموعة من التصاميم المختلفة، التي تظهر على مختلف المنصات والوسائط، مثل الموقع الإلكتروني، والمنشورات الورقية، والشاشات الرقمية، والمنتجات، وغيرها. أحد الأخطاء التي يجب تجنبها هي عدم اتساق التصاميم، أي عدم تطابق أو تناسب أو توافق بين العناصر المختلفة للهوية الواحدة. عدم اتساق التصاميم يؤدي إلى خلق صورة مشوشة وغير موحدة للعلامة التجارية، ويضعف من قوة وانتشار الهوية البصرية، ويخلّ بثقة وولاء الجمهور المستهدف.
ولتجنب هذا الخطأ، يجب على المصممين أن يحرصوا على تصميم دليل الهوية البصرية، وهو مستند يحدد ويوضح قواعد ومعايير استخدام العناصر البصرية للعلامة التجارية، مثل الشعار، والألوان، والخطوط، والرموز، والتصاميم المختلفة. يجب على المصممين أن يتبعوا هذا الدليل بشكل صارم ودقيق في كل تصاميمهم، وأن يحافظوا على الاتساق والانسجام بين التصاميم في كل المنصات والوسائط. فنستطيع أن نلاحظ مثلاً أن تصاميم عروض اليوم الوطني السعودي تأتي دائماً متناسقة وبشكلٍ موحَّد، وذلك أن هيئة الترفيه في السعودية دائماً ما تُطلِق دليل هويَّة للمصميين حتَّى يستخدموه في تصاميمهم.
6. عدم اختبار التصاميم
بعد الانتهاء من تصميم الهوية البصرية، يجب على المصممين أن يقوموا بعملية اختبار وتقييم لتصاميمهم قبل اعتمادها رسمياً. هذه العملية تهدف إلى فحص وتحسين جودة وجاذبية وفعالية التصاميم، والتأكد من مطابقتها للمعايير والأهداف المحددة.
أحد الأخطاء التي يجب تجنبها هي عدم اختبار التصامين، أو الاكتفاء برأي المصمم نفسه أو زملائه المقربين. هذا الأمر يجعل المصمم يغفل عن بعض العيوب أو الثغرات أو السلبيات في التصاميم، والتي قد تؤثر على رضا وانطباع الجمهور المستهدف.
ولتجنب هذا الخطأ، يجب على المصممين أن يقوموا بإجراء اختبارات شاملة ومتعددة للتصامين، باستخدام أساليب وأدوات مختلفة. بعض هذه الأساليب والأدوات هي:
- اختبار A/B: هو اختبار يقارن بين نسختين من نفس التصميم، مع تغيير بسيط في أحدها، مثل اللون أو الخط أو الشكل. ثم يقوم بقياس ردود فعل وسلوك الجمهور المستهدف على كل نسخة، لاختيار الأفضل منها.
- اختبار قابلية الاستخدام: هو اختبار يقوم بقياس مدى سهولة وسرعة وراحة استخدام التصاميم من قبل الجمهور المستهدف، وكشف أي مشاكل أو صعوبات تواجههم.
- اختبار التفضيل: هو اختبار يقوم بطرح عدة خيارات من التصاميم على مجموعة من الجمهور المستهدف، وطلب منهم اختيار التصميم الذي يفضلونه أو يعجب به.
- اختبار الـ5 ثوان: هو اختبار يقوم بإظهار التصامين للجمهور المستهدف لمدة 5 ثوان فقط، ثم يطلب منهم تذكر ما رأوه والإجابة على بعض الأسئلة حول التصامين.
7. عدم مراعاة قابلية التكيُّف
قابلية التكيف هي القدرة على تعديل وتطبيق التصاميم على مختلف المنصات والوسائط والأحجام والظروف، دون أن تفقد جودتها أو جاذبيتها أو معناها. قابلية التكيف هي عامل مهم في تصميم الهوية البصرية، فهي تزيد من انتشار وتأثير العلامة التجارية، وتجعلها تبدو محترفة وموثوقة. أحد الأخطاء التي يجب تجنبها هي عدم مراعاة قابلية التكيف، أي عدم اختبار وتحسين التصاميم لكي تناسب كل المنصات والوسائط والأحجام والظروف المختلفة.
عدم مراعاة قابلية التكيف يؤدي إلى تقديم تصاميم غير مناسبة أو غير مرئية أو غير مفهومة على بعض المنصات والوسائط، مثل الشاشات الصغيرة أو الورق المطبوع أو الإضاءة المنخفضة. كما أنه يضعف من قوة وانسجام الهوية البصرية، ويخل بثقة وولاء الجمهور المستهدف.
ولتجنب هذا الخطأ، يجب على المصممين أن يقوموا بإجراء اختبارات شاملة ومتعددة للتصاميم، باستخدام أساليب وأدوات مختلفة. بعض هذه الأساليب والأدوات هي:
- اختبار الاستجابة: هو اختبار يقوم بقياس مدى تكيف واستجابة التصاميم مع حجم وشكل الشاشات المختلفة، مثل الهاتف المحمول أو الحاسوب اللوحي أو الحاسوب المكتبي. يمكن استخدام أدوات مثل Responsive Design Checker أو Google Mobile-Friendly Test لإجراء هذا الاختبار.
- اختبار الطباعة: هو اختبار يقوم بقياس مدى جودة وقراءة وظهور التصامين على الورق المطبوع، سواء كان ذلك في صورة بطاقات أعمال أو منشورات إعلانية أو علب منتجات. يجب على المصممين أن يطبعوا نسخًا حقيقية من تصامينهم، وأن يراعوا عوامل مثل نوعية الورق والحبر والألوان.
- اختبار الإضاءة: هو اختبار يقوم بقياس مدى رؤية وإشراق وانبثاق التصامين في ظروف إضاءة مختلفة، سواء كان ذلك في صورة شاشات رقمية أو لافتات خارجية أو منتجات داخلية. يجب على المصممين أن يعرضوا تصامينهم في أماكن وأوقات مختلفة، وأن يراعوا عوامل مثل السطوع والتباين والظلال.
8. نسخ أو سرقة الهوية البصرية
إحدى الأخطاء الفادحة التي يمكن أن يقع فيها المصممون هي نسخ أو سرقة الهوية البصرية لعلامة تجارية أخرى، سواء كان ذلك عن قصد أو عن غير قصد. هذا الأمر يعتبر انتهاكاً لحقوق الملكية الفكرية، ويمكن أن يؤدي إلى ردود فعل سلبية من قبل العلامة التجارية المسروقة والجمهور المستهدف، ويضر بسمعة المصمم والعلامة التجارية التي يعمل لها. كما أن نسخ أو سرقة الهوية البصرية يفقد العلامة التجارية التي تستخدمها هويتها الفريدة والمميزة، ويجعلها تبدو مقلدة وغير مبتكرة.
ولتجنب هذا الخطأ، يجب على المصممين أن يكونوا على دراية بالاتجاهات والأساليب المستخدمة في تصميم الهويات البصرية، وأن يتابعوا أعمال المصممين المحترفين عبر المنصات المختلفة، وأن يستلهموا منها بشكل إيجابي وإبداعي، دون أن يقوموا بتقليدها أو نسخها بشكل حرفي. كما يجب على المصممين أن يقوموا بالبحث والتحقق من عدم تشابه تصاميمهم مع تصاميم علامات تجارية أخرى،
هناك أدوات بالطبع يمكن الاعتماد عليها في التحقق بتشابه أو عدم تشابه التصاميم المختلفة والتأكد من فرادة تصاميمهم، مثل Google Images أو TinEye أو Adobe Stock.
الخلاصة
الهوية البصرية هي الوجه المرئي للعلامة التجارية، وهي تنقل رسالتها وقيمها وشخصيتها إلى الجمهور المستهدف. تصميم الهوية البصرية يتطلب مهارة وإبداع ودقة، فأي خطأ قد يضر بسمعة وقيمة العلامة التجارية، أو يبعد الجمهور عنها. لذلك، يجب على المصممين تجنب بعض الأخطاء الشائعة التي تفسد جودة وجاذبية وفعالية التصامين، واتباع بعض النصائح والأفكار التي تساعدهم على إنشاء هوية بصرية متميزة وناجحة.